التنمر في السعودية: الظاهرة، الأبعاد القانونية، وآليات المواجهة المجتمعية

التنمر في السعودية

التنمر في السعودية يُعَدّ التنمر من السلوكيات العدوانية التي تحمل آثارًا نفسية واجتماعية وقانونية خطيرة على الأفراد والمجتمع، خاصةً حينما يُمارس ضد الأطفال أو في بيئات العمل أو عبر المنصات الرقمية. ومع تزايد استخدام وسائل التواصل وتغيّر أنماط التفاعل المجتمعي، تطور مفهوم التنمر من سلوك تقليدي محدود إلى أشكال متنوعة من الإيذاء اللفظي والجسدي والرقمي. في هذه المقالة القانونية المطوّلة، نعرض إطارًا تحليليًا شاملًا لمفهوم التنمر، الأطر التشريعية الوطنية، أبعاده السيبرانية، الأضرار النفسية والاجتماعية، الإحصائيات، دور المؤسسات التربوية والرقابية، التحديات، وأفضل الحلول.

التنمر في السعودية


أولًا: تعريف التنمر وأشكاله

  1. التعريف القانوني والمجتمعي
    يُعرَّف التنمر بأنه: “كل قول أو فعل متعمد ومتكرر يُقصد به إيذاء الآخر نفسيًا، اجتماعيًا، أو جسديًا، بصورة مباشرة أو غير مباشرة”، سواء في المدرسة، العمل، المجتمع، أو عبر الإنترنت.
  2. أنواع التنمر الشائعة
    1. تنمر جسدي: الضرب، الدفع، الإيذاء البدني.
    1. تنمر لفظي: الشتائم، السخرية، الإهانات.
    1. تنمر اجتماعي: العزلة، التهميش، الشائعات.
    1. تنمر إلكتروني: الرسائل المهينة، النشر المسيء، الابتزاز الرقمي.

ثانيًا: الإطار التشريعي في السعودية

  1. نظام حماية الطفل (1436هـ)
    ينص على حظر جميع أشكال الإيذاء والإهمال، ويعتبر التنمر شكلًا من أشكال العنف الموجَّه للطفل، يعاقب مرتكبه إداريًا وجنائيًا.
  2. نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية (1438هـ)
    يجرم كل استخدام تقني للإساءة إلى الآخرين أو التشهير بهم، أو التسبب بضرر نفسي أو اجتماعي عبر الإنترنت، بعقوبة تصل إلى سنة سجن وغرامة تصل إلى مليون ريال.
  3. نظام حماية المعنفين
    يشمل التنمر اللفظي أو السلوكي في محيط الأسرة والعمل، ويمنح المتضررين حق التبليغ والاستفادة من خدمات الإيواء والدعم النفسي.
  4. اللائحة السلوكية في المدارس
    تصنف التنمر على أنه مخالفة من الدرجة الرابعة أو الخامسة، وتُفرض عليه عقوبات تتراوح بين الإنذار، النقل التأديبي، والفصل المؤقت.

ثالثًا: الأبعاد الرقمية للتنمر الإلكتروني

  1. وسائل التواصل الاجتماعي
    تُستخدم لنشر صور وفيديوهات مهينة، إنشاء حسابات وهمية للإساءة، أو تعليقات سلبية مستمرة تجاه الضحية.
  2. الألعاب الإلكترونية
    بيئة خصبة للتنمر الجماعي عبر الدردشة الصوتية أو الرسائل، خصوصًا بين المراهقين.
  3. التطبيقات التفاعلية المجهولة
    مثل التطبيقات التي تسمح برسائل مجهولة، تُستخدم غالبًا في تنمر مجهول الهوية، يصعب تتبعه.
  4. الإيذاء الرقمي المتسلسل
    تعمُّد نشر الإساءة على عدة منصات لزيادة الأذى النفسي والضغط الاجتماعي.

رابعًا: الأضرار الناتجة عن التنمر

  1. نفسية وعاطفية
    1. القلق، الاكتئاب، اضطراب ما بعد الصدمة.
    1. فقدان الثقة بالنفس وتدني احترام الذات.
    1. ميول للانعزال أو العدوانية المضادة.
  2. اجتماعية
    1. ضعف العلاقات الأسرية والاجتماعية.
    1. عزوف عن الدراسة أو العمل.
    1. انتشار سلوك التقليد والتنمر المتبادل.
  3. قانونية
    1. التعرض لدعاوى جنائية.
    1. فقدان الوظيفة أو الطرد من المؤسسة التعليمية.
    1. الإضرار بالسمعة الشخصية أو التجارية.

خامسًا: آليات التبليغ والمعالجة

  1. المنصات الحكومية
    1. تطبيق “كلنا أمن” للتبليغ الفوري.
    1. خط حماية الطفل 116111.
    1. مركز البلاغات الموحد 1919.
  2. الإجراءات المدرسية
    1. تشكيل لجان انضباط داخل المدارس.
    1. برامج تدخل سلوكي علاجي للمتنمر والضحية.
    1. إشراك الأهل في برامج الإصلاح السلوكي.
  3. دور النيابة العامة
    تتعامل مع القضايا الجسيمة كقضايا إيذاء جسدي، أو تشهير إلكتروني، أو تهديد.

سادسًا: دور المؤسسات التربوية

  1. المدارس والجامعات
    1. تفعيل الأنشطة الوقائية (أسبوع مكافحة التنمر، ورش التثقيف).
    1. توجيه الطلاب إلى السلوك الإيجابي وتعزيز الحوار.
    1. إدماج مفاهيم احترام الآخر في المناهج الدراسية.
  2. الهيئات الإشرافية
    1. زيارات تفقدية لسلوكيات الطلاب.
    1. مراقبة محتوى شبكات المدرسة الداخلية ومنصات التعليم.
  3. المرشد الطلابي
    1. خط دفاع أول للكشف عن الضحايا مبكرًا.
    1. إعداد تقارير دورية عن حالات التنمر ومتابعتها مع الإدارة.

سابعًا: الإحصائيات والمؤشرات الوطنية

  • %23 من الطلاب في السعودية تعرضوا لشكل من أشكال التنمر في المدارس، وفق دراسة منشورة عام 2022.
  • %12 من المستخدمين الرقميين السعوديين تعرّضوا لتنمر إلكتروني مباشر عبر وسائل التواصل.
  • أكثر فئة مستهدفة: الفئة العمرية بين 10 – 16 سنة.
  • %70 من الحالات المبلَّغ عنها حُلّت وديًا داخل المؤسسة التعليمية أو الأسرية.

ثامنًا: أفضل الممارسات العالمية

  1. برنامج Olweus النرويجي
    يعتمد على تدريب شامل للمعلمين، الطلاب، والأهالي، وتعديل سلوك المتنمر دون اللجوء للعقاب فقط.
  2. أنظمة “Zero Tolerance”
    تفرض عقوبات صارمة على أي سلوك تنمري، وتعتمد تسجيل المخالفة ضمن السجل السلوكي الرسمي.
  3. منصات الذكاء الاصطناعي في التتبع
    تستخدمها كبرى المنصات لاكتشاف الكلمات المسيئة وتصفية الرسائل التنمرية.
  4. الخطوط الساخنة الوطنية
    دعم فوري على مدار الساعة مع مستشارين نفسيين وقانونيين.

تاسعًا: التحديات والحلول

  1. التحدي: ضعف التبليغ
    1. الحلّ: نشر الوعي بين الطلاب والأهالي حول أهمية عدم السكوت عن التنمر.
  2. التحدي: التطبيع مع السلوك العدواني
    1. الحلّ: حملات إعلامية مستمرة توضح أن التنمر جريمة لا “مقلب عادي”.
  3. التحدي: صعوبة إثبات التنمر الإلكتروني
    1. الحلّ: استخدام خاصيات توثيق الشاشة وحفظ السجلات كأدلة.
  4. التحدي: نقص الكوادر المتخصصة
    1. الحلّ: توفير دورات تدريبية للمعلّمين والأخصائيين لتشخيص ومعالجة حالات التنمر.

عاشرًا: توصيات استراتيجية

  1. إنشاء منصة وطنية موحدة لرصد حالات التنمر إلكترونيًا وواقعيًا وربطها بجهات الحماية.
  2. تفعيل عقوبات قانونية أكثر صرامة ضد التنمر المؤسسي أو الممنهج.
  3. إدراج وحدة دراسية ثابتة عن أخلاقيات التعامل والحد من التنمر ضمن مناهج جميع المراحل.
  4. إطلاق حملات توعوية وطنية موسعة بالشراكة مع الجهات الإعلامية والدينية.
  5. تعزيز دور التقنية الوقائية مثل أنظمة حظر الرسائل المسيئة وتصفية المحتوى تلقائيًا.

خاتمة

يشكّل التنمر تهديدًا حقيقيًا لبنية المجتمع واستقراره النفسي والاجتماعي، ويتطلّب تفعيل منظومة متكاملة من الحماية القانونية، والبرامج الوقائية، والرقابة المؤسسية. ومن خلال التشريعات الصارمة، والتقنيات الحديثة، والتكامل بين الأسرة والمدرسة والجهات الرسمية، يمكن الحد من انتشار الظاهرة ومعالجة آثارها.

ونحن في شركة سعود عبد الله ال طالب للمحاماة نُقدِّم الاستشارات القانونية والدعم الكامل للضحايا والأسر والمؤسسات التعليمية في قضايا التنمر، ونتولى إجراءات التقاضي أو التسوية لضمان استعادة الحقوق..

  • الجوال: / 966506330044
  • البريد الإلكتروني satlaw.com.sa@gmail.com :
  • زيارة مقر الشركة في أحد فروعنا بالمملكة العربية السعودية.

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *