التصوير بدون إذن في المملكة العربية السعودية

التصوير بدون إذن

التصوير بدون إذن في المملكة العربية السعودية: الإطار القانوني وآليات الحماية

تُعَدُّ التصوير بدون إذن من الممارسات التي تنتهك خصوصية الأفراد وكرامتهم، وتؤثر سلبًا على الأمن الأسري والاجتماعي.


أولًا: مفهوم التصوير بدون إذن وأهداف الحظر

  1. التعريف القانوني
    يُقصد بـالتصوير بدون إذن التقاط الصور أو الفيديوهات أو نقل البث الحي لشخص أو ملكية خاصة أو عامة دون موافقة صريحة من صاحب الحق، سواء أكان ذلك داخل المسكن أو مكان العمل أو في الفضاء العام إذا تعذرت ممارسة البصر أو الخصوصية.
  2. الأهداف من منع التصوير غير المرخص
    1. حماية الخصوصية: ضمان حق الفرد في التحكم ببياناته وصوره الشخصية.
    1. دعم الأمن الأسري: منع استغلال الصور في التشهير أو الابتزاز.
    1. ضمان السلامة العامة: الحد من استخدام الطائرات المسيَّرة للتجسس على المناطق المحظورة.
    1. تعزيز الثقة الرقمية: حماية المستخدمين من الممارسات الخبيثة عبر المنصات الإلكترونية.

ثانيًا: الإطار التشريعي الوطني

  1. نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية (1438هـ)
    يعاقب بكل من يقوم بنشر أو تداول صور خاصة أو بيانات شخصية دون إذن بالحبس لمدة تصل إلى سنة وغرامة تصل إلى مليون ريال، أو بإحدى العقوبتين، مع مصادرة الأجهزة والبيانات المسروقة.
  2. اللائحة التنفيذية لنظام الجرائم المعلوماتية
    توضح مفاهيم التصوير بدون إذن وتشمل الضوابط الفنية لاسترجاع الأدلة الرقمية وكيفية التعامل مع منصات التواصل التي يُنشر عبرها المحتوى المخالف.
  3. نظام مكافحة التعدي على الخصوصية (قيد الإعداد)
    يقترح تشريعًا مخصصًا لمعاقبة عمليات التصوير بدون إذن داخل المنازل وأماكن العمل، بتشديد العقوبات لتصل للحبس 3 سنوات وغرامة تبلغ 3 ملايين ريال.
  4. نظام الإجراءات الجزائية
    يكفل سرية التحقيقات ويمنع تسريب أي صور أو مقاطع متعلقة بالتحقيق قبل الحكم النهائي، حمايةً لسمعة الأطراف ومبادئ المحاكمة العادلة.

ثالثًا: الاتفاقيات والمواثيق الدولية

  1. المادة 12 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)
    تنصّ على حماية الحياة الخاصة للأفراد من تدخلات غير قانونية بما في ذلك التصوير بدون إذن.
  2. اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)
    رغم أنها أوروبية، فإنها تُعَدُّ معيارًا عالميًا يُستلهَم لتعزيز موافقات الأفراد على معالجة بياناتهم الحساسة بما فيها الصور.
  3. مدونة السلوك الدولية للإعلانات (ICC Code)
    تشترط الحصول على موافقة خطية قبل استخدام صور أو مقاطع أشخاص في الحملات الإعلانية، وتمنع التصوير بدون إذن لأغراض تجارية.

رابعًا: الأبعاد الرقمية والتقنية

  1. الهواتف الذكية والكاميرات المخفية
    استفاد البعض من صغر حجم الكاميرات لإخفائها في ملابس أو ديكورات داخل المنازل، ما يزيد من حالات التصوير بدون إذن.
  2. الطائرات المسيّرة (الدرون)
    دخلت على خط الجرائم المعلوماتية، إذ تُستخدم للتصوير الجوي غير المرخص فوق المناطق السكنية والعسكرية.
  3. منصات التواصل الاجتماعي
    يزداد انتشار المحتوى المصوَّر بدون موافقة الضحايا عبر تيك توك وإنستجرام، ما يخلق بيئة صعبة للتحكم في المشاركة أو الحذف.
  4. تقنيات التشفير وإخفاء الهوية
    كوسيلة لحماية الضحايا بعد وقوع الحادثة، لكنها تضع تحديًا أمام التحقيقات الأمنية التي تحتاج للوصول للبيانات الأصلية.

خامسًا: الإجراءات القضائية والإدارية

  1. التبليغ الفوري
    يقدم الضحية بلاغًا إلى مركز 911 أو عبر منصة “كلنا أمن”، ويتم إصدار إخطارات على الجهة المشتبه بها.
  2. جمع الأدلة الرقمية
    تشارك الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في استرجاع الملفات المحذوفة وتحليل سجلات البث والتسجيلات.
  3. الإحالة للنيابة العامة
    تُرفع قضايا التصوير بدون إذن إلى النيابة المختصة، ويُصدر أمر ضبط وإحضار عند الاقتضاء.
  4. الملاحقة الجنائية
    تُحاكَم المتهمين أمام الدائرة الجنائية المختصة وفق نظام الجرائم المعلوماتية وقد يحكم عليهم بالحبس والترحيل (لغير السعوديين).
  5. التعويض المدني
    يمكن للضحية رفع دعوى مدنية للمطالبة بتعويض مادي ومعنوي، بناء على إضرار السمعة أو الابتزاز.

سادسًا: التنسيق المؤسسي

  • الهيئة الوطنية للأمن السيبراني: تقديم الدعم الفني والخبري لتحليل الحوادث الإلكترونية.
  • المديرية العامة للأمن العام: الضبط الميداني والتحقيق الابتدائي في جرائم التصوير بدون إذن.
  • النيابة العامة: تبني القضايا واستصدار الأحكام، مع مراعاة حماية الطفل إذا كان ضحية تصوير.
  • وزارة الإعلام: إلزام وسائل الإعلام بحذف المحتوى المخالف وتوجيه تحذيرات رسمية للمواقع والمنصات.

سابعًا: الإحصائيات والمؤشرات الوطنية

  • شهد عام 2023 تسجيل أكثر من 3,200 بلاغ عن التصوير بدون إذن عبر المنصات الأمنية والإلكترونية.
  • بلغت نسبة القضايا المحالة للنيابة 78%، وصدرت أحكام نهائية في 65% منها خلال 6 أشهر.
  • ارتفعت مطالبات التعويض المدني بأكثر من 40% مقارنة بعام 2022، نظرًا لتزايد القضايا المتعلقة بالفيديوهات الخاصة.

ثامنًا: أفضل الممارسات العالمية

  1. Privacy by Design
    دمج الحماية التقنية للأفراد عند تصميم التطبيقات والكاميرات لتفادي سوء الاستخدام.
  2. Drone Regulation Frameworks
    وضع حد أقصى لارتفاع الطائرات المسيّرة وأوقات الطيران فوق المناطق السكنية مع نظام إذن مسبق.
  3. Consent Management Platforms
    منصات تتيح للأفراد إدارة موافقتهم على التقاط صورهم واستخدامها رقميًا.
  4. Audit Trails and Accountability
    الحفاظ على سجلات مفصلة لكل عملية تصوير رقمية لتسهيل المساءلة عند وقوع التصوير بدون إذن.

تاسعًا: دور القطاع الخاص والمجتمع المدني

  • شركات التقنية: تطوير خاصيات كشف الكاميرات المخفية ومنع تشغيلها إلا بموافقة صاحب المكان.
  • المنظمات الحقوقية: نشر الوعي بحوادث التصوير بدون إذن وتقديم الدعم النفسي والقانوني للضحايا.
  • الغرف التجارية: إصدار ميثاق شرف للتصوير في المنشآت العامة والخاصة، يلتزم به الأعضاء لتفادي المخالفات.

عاشرًا: التحديات والحلول المقترحة

  1. التحدّي: سرعة انتشار المحتوى
    1. الحلّ: آليات إبلاغ سريعة عبر المنصات ومراسلات تلقائية للمواقع لحذف المحتوى خلال ساعات.
  2. التحدّي: صعوبة تتبع مرتكبي الجرائم
    1. الحلّ: تعزيز التعاون الدولي وتبادل بيانات الأدلّة الرقمية مع الجهات المماثلة في الدول الأخرى.
  3. التحدّي: نقص الوعي القانوني
    1. الحلّ: حملات توعية في المدارس وجامعات التقنية لتعريف الشباب بجرم التصوير بدون إذن وعواقبه.
  4. التحدّي: الثغرات التقنية في الأجهزة
    1. الحلّ: فرض معايير أمان موحدة في استيراد وبيع الكاميرات وأدوات التصوير داخل المملكة.

حادي عشر: توصيات استراتيجية

  1. تفعيل منصة وطنية موحدة للإبلاغ عن التصوير بدون إذن وتوثيق الحوادث بالوقت الحقيقي.
  2. إدراج مادة قانونية في المناهج الدراسية حول حقوق الخصوصية وجرائم الجرائم المعلوماتية.
  3. اعتماد شهادات امتثال أمنية للأجهزة الذكية تضمن عدم استخدامها للتصوير غير المرخص.
  4. توسيع دور المبادرات المجتمعية لتشمل دعم الضحايا من خلال مراكز استشارية مجانية.
  5. التنسيق مع شركات التواصل العالمية لحجب المحتوى المخالف وتعطيل حسابات المتورطين.

خاتمة

يشكل التصوير بدون إذن انتهاكًا لحقوق الأفراد وحرماتهم الشخصية، ويتطلب منظومة قانونية وتقنية متكاملة للتصدي له. عبر تحديث الأنظمة، وتفعيل التنسيق المؤسسي، والاستفادة من أفضل الممارسات العالمية، يمكن للمملكة العربية السعودية حماية خصوصية مواطنيها وضمان بيئة رقمية وأسرية آمنة.

وفي ختام مقالنا شركة المحامي الدكتور سعود آل طالب وجميع من يعملون به جاهزون على مدار الساعة للرد على كافة استشاراتكم القانونية الدقيقة.

  • الجوال: / 966506330044
  • البريد الإلكتروني satlaw.com.sa@gmail.com :
  • زيارة مقر الشركة في أحد فروعنا بالمملكة العربية السعودية.

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *