الذوق العام في السعودية: الإطار النظامي، السلوكيات المنظمة، والعقوبات المقررة

الذوق العام في السعودية

الذوق العام في السعودية يمثل الذوق العام حجر الزاوية في بناء مجتمع متماسك يتعامل أفراده باحترام وتقدير متبادل، وهو انعكاس مباشر للرقي الحضاري والانضباط المجتمعي. وفي ضوء التطورات السريعة التي تشهدها المملكة، سواء على الصعيد السياحي أو الاقتصادي أو الثقافي، بات من الضروري إيجاد إطار قانوني ينظم السلوك العام، ويردع التجاوزات التي قد تسيء إلى صورة المجتمع أو تنتهك خصوصية الآخرين.


أولًا: مفهوم الذوق العام وأهميته في المجتمع

يُعرّف الذوق العام بأنه مجموعة من السلوكيات والأخلاقيات المتفق عليها مجتمعيًا، والتي تعكس احترام الإنسان لذاته وللآخرين، وتراعي القيم الدينية والثقافية المتأصلة في البيئة السعودية.

ويأتي نظام الذوق العام ليؤسس قاعدة قانونية ملزمة تنظم التصرّف في الأماكن العامة، بما يضمن حماية المرافق العامة، وحفظ كرامة الأفراد، وتجنب الصدامات الناتجة عن السلوكيات المستفزة أو غير اللائقة. الذوق العام في السعودية


ثانيًا: الأطر النظامية واللوائح التنفيذية

تم اعتماد نظام الذوق العام في 1440هـ بناءً على مرسوم ملكي يحدد ما يجب الالتزام به في الأماكن العامة، وما يعتبر مخالفًا للذوق والآداب العامة.
وقد أُتبعت اللائحة التنفيذية لهذا النظام لتحديد التفاصيل الدقيقة للمخالفات وآلية ضبطها وتقدير العقوبات المناسبة لها.

من بين الأنظمة المكملة التي تتقاطع مع الذوق العام:

  • نظام مكافحة التحرش لحماية الأفراد من التصرفات المسيئة.
  • نظام البيئة لتنظيم الممارسات في الأماكن العامة.
  • نظام الإعلام لمنع بث أو مشاركة محتويات خادشة أو مسيئة.

ثالثًا: سلوكيات مشمولة ضمن مخالفات الذوق العام

تتضمن المخالفات التي يجرمها النظام:

  • اللباس غير اللائق في الأماكن العامة، كالملابس الشفافة أو القصيرة أو تلك التي تحمل عبارات غير أخلاقية.
  • التلفظ بكلمات مسيئة أو إحداث ضوضاء مفرطة أو السخرية من الآخرين.
  • الرسم أو الكتابة على الجدران بدون إذن.
  • استخدام أجهزة صوتية في غير موضعها مثل تشغيل الأغاني في الأماكن الهادئة.
  • الإخلال بنظافة الأماكن العامة من خلال إلقاء القمامة أو التبول في غير الأماكن المخصصة.

رابعًا: العقوبات وآلية التنفيذ

العقوبات في نظام الذوق العام تهدف إلى الردع لا إلى العقاب المجرد، وهي تتدرج حسب جسامة المخالفة وتكرارها.
وتتراوح الغرامات المالية بين 50 و6,000 ريال، وقد تصل العقوبة إلى الإحالة للنيابة العامة في حال تكرار السلوك أو ارتكاب أفعال مشينة ذات طابع جنائي.
في بعض الحالات، يمكن أن يُطالب المخالف بحضور برامج توعوية أو تقديم تعويض معنوي في حال الإساءة للغير.


خامسًا: دور الجهات الرقابية والتنفيذية

تتولى وزارة الداخلية تنفيذ النظام عبر رجال الأمن العام، وتتم عمليات الضبط بشكل مباشر أو عبر تقنيات المراقبة الحديثة.
تُشارك أيضًا جهات مثل:

  • وزارة السياحة في مراقبة الفعاليات والمرافق السياحية.
  • البلديات في متابعة نظافة الشوارع والحدائق العامة.
  • هيئة الإعلام المرئي والمسموع لضبط ما يُنشر ويُعرض من محتوى جماهيري.

سادسًا: التأثيرات القانونية والاجتماعية

يتعدى أثر مخالفات الذوق العام الغرامات المالية؛ فبعضها قد يُسجل في النظام العدلي، مما يسبب أضرارًا مستقبلية في الوظائف أو السفر أو المعاملات الرسمية.
اجتماعيًا، تساهم الالتزامات السلوكية في تخفيف التوتر المجتمعي، وتعزيز صورة إيجابية عن المملكة لدى الزوار والمقيمين، خصوصًا في ظل التوسع في قطاعات السياحة والترفيه.


سابعًا: دور التعليم والتوعية في ترسيخ الذوق العام

لا يقتصر دور النظام على الردع، بل تُعدّ التوعية الوقائية أداة استراتيجية لخفض نسبة المخالفات.

من الوسائل المقترحة:

  • إدراج وحدات دراسية في مناهج التعليم العام تعنى بأخلاقيات التعامل واحترام الأماكن العامة.
  • تنظيم ورش عمل توعوية للطلاب والمراهقين بالتعاون مع وزارة التعليم.
  • استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر رسائل سلوكية مصممة بأسلوب شبابي مؤثر.
  • تحفيز المدارس والمراكز المجتمعية لتنظيم حملات “أنا أتحلى بالذوق العام”.

ثامنًا: نظرة على الممارسات الدولية

دول مثل اليابان وسنغافورة طبّقت قوانين صارمة للذوق العام، مما أسهم في رفع مستوى التهذيب العام، وتقليل المخالفات بنسبة ملحوظة.
تُطبق في بعض الدول أنظمة “الغرامات التلقائية” أو “التحذيرات الصوتية” في الأماكن العامة، وتُستخدم الكاميرات الذكية لرصد السلوكيات المنتهكة.


تاسعًا: تحديات التطبيق والحلول المقترحة

أبرز التحديات:

  • تفاوت وعي الأفراد بالنظام بين السعوديين والمقيمين.
  • التداخل بين الذوق العام والحرية الشخصية.
  • ضعف الثقافة القانونية بشأن التصرفات المخالفة.

الحلول المقترحة:

  • إصدار كتيبات تثقيفية بلغات متعددة توزع في المطارات والفنادق.
  • تطوير آلية استئناف إلكتروني على الغرامات يضمن العدالة للمخالفين.
  • تنظيم مبادرات تطوعية لنشر ثقافة الذوق العام في الأحياء والمراكز التجارية.

عاشرًا: توصيات استراتيجية لتعزيز الالتزام بالذوق العام

  • توسيع برامج المسؤولية الاجتماعية لتشمل تدريب العاملين في الأماكن العامة على التعامل مع المخالفين بهدوء ولباقة.
  • إطلاق جوائز سنوية للمؤسسات أو الأفراد الذين يسهمون في تعزيز الذوق العام.
  • دعم إنتاج محتوى إعلامي ترفيهي توعوي يحاكي الفئات الشابة بأسلوب عصري وجذاب.

خاتمة

إن الذوق العام ليس مجرد لائحة تنظيمية، بل هو مرآة لمدى نضج المجتمع وتحضّره. وتطبيق هذا النظام في السعودية يعزز الأمن السلوكي، ويحمي الحقوق، ويصون الأماكن العامة لتظل مساحة للجميع في إطار من الاحترام والانضباط.
ومع التوسع في رؤية 2030 والانفتاح المتنامي، سيكون الذوق العام أداة رئيسية في صناعة مجتمع متعايش يعكس الصورة المشرّفة للمملكة. الذوق العام في السعودية

وفي ختام مقالنا شركة المحامي الدكتور سعود آل طالب وجميع من يعملون به جاهزون على مدار الساعة للرد على كافة استشاراتكم القانونية الدقيقة.

  • الجوال: / 966506330044
  • البريد الإلكتروني satlaw.com.sa@gmail.com :
  • زيارة مقر الشركة في أحد فروعنا بالمملكة العربية السعودية.

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *