د.سعود آل طالب للاستشارات القانونية
قضايا التستر التجاري بالسعودية تعاني دول العالم اليوم من ظاهرة اقتصادية تهدد نمو الاقتصاد فيها، وتعرف تلك الظاهرة بالاقتصاد الخفي أو اقتصاد الظل. ويشمل اقتصاد الظل العديد من صور الفساد المالي التي يتم فيها كسب المال بطرق غير مشروعة، والعديد من أشكال الدخل التي لا يعبر عنها رسمياً ومنه التستر التجاري. ويعد للتستر التجاري آثار في غاية الخطورة تمثل في إضعاف الكفاءة الاقتصادية بسبب الإخلال بتوزيع الموارد وذلك بسبب المنافسة غير العادلة بين القوى المشروعة التي تتمثل في الاقتصاد الرسمي والقوى غير مشروعة لاقتصاد الظل، ويعمل انتشار التستر التجاري إلى حرمان الاقتصاد الوطني ولأن التستر التجاري هو سرطان الاقتصاد الوطني، لم يغفل المنظم السعودي عن مكافحته.
أولاً:- مفهوم التستر التجاري
عرف التستر عند القانونيين بأنه ” مساعدة الجاني وتشجيعه على ارتكاب الجريمة”، بينما
نصت المادة الثانية من النظام على ” لأغراض تطبيق أحكام النظام يقصد بالتستر اتفاق أو ترتيب يُمكِّن من خلاله شخصٌ شخصًا آخر غير سعودي من ممارسة نشاط اقتصادي في المملكة غير مرخص له بممارسته باستخدام الترخيص أو الموافقة الصادرة للمتستر.”
اذن عرف النظام السعودي التستر التجاري بأنه تمكين الأجنبي من استثمار أو ممارسة نشاط تجاري لحسابه، أو أن يتم الاشتراك مع غيره وهو محظور عليه ممارسته، ولا يسمح النظام أن يتم استثمار رأس المال الأجنبي دون ترخيص استثمار، ويعد المواطن متستراً في حالة تمكين الوافد من استخدام اسمه أو ترخيصه أو السجل التجاري لممارسة النشاط التجاري، وكما يعد متستراً كل أجنبي حصل على ترخيص استثمار أجنبي وقام بتمكين وافد آخر من العمل لحسابه مخالفاً لنظام استثمار رأس المال الأجنبي.
ثانياً:- أركان التستر التجاري
يعد لجريمة التستر التجاري ثلاث أركان:-
نص النظام السعودي لمكافحة التستر التجاري على حظر ممارسة المواطن له ، حيث نص في المادة الثالثة من النظام على ” يعد جريمة يعاقب عليها النظام ارتكاب أي مما يأتي:
أ. قيام شخص بتمكين غير السعودي من أن يمارس -لحسابه الخاص- نشاطًا اقتصاديًّا في المملكة غير مرخص له بممارسته، ويشمل ذلك تمكينه غير السعودي من استعمال: اسمه، أو الترخيص أو الموافقة الصادرة له، أو سجله التجاري، أو اسمه التجاري، أو نحو ذلك.
ب. قيام غير السعودي بممارسة نشاط اقتصادي لحسابه الخاص في المملكة غير مرخص له بممارسته، وذلك من خلال الشخص الممكّن له.
ج. الاشتراك في ارتكاب أيّ من الجريمتين المنصوص عليهما في الفقرتين (أ) و(ب) من هذه المادة. ويعد شريكًا في الجريمة كل من حرض أو ساعد أو قدم المشورة في ارتكابها مع علمه بذلك متى ما تمت الجريمة أو استمرت بناءً على هذا التحريض أو المساعدة أو المشورة.
د. عرقلة أو منع ممارسة المكلفين بتنفيذ أحكام النظام من أداء واجباتهم بأي وسيلة، بما في ذلك عدم الإفصاح عن المعلومات، أو تقديم معلومات غير صحيحة أو مضللة.”
إذن فالمنظم السعودي يعد الأفعال التالية عبارة عن جريمة التستر التجاري:-
ونص في المادة الرابعة على ” يعد مخالفة يعاقب عليها النظام ارتكاب أي مما يأتي:
أ. قيام أي منشأة بمنح غير السعودي بصورة غير نظامية أدوات تؤدي إلى التصرف على نحو مطلق في المنشأة.
ب. حيازة أو استخدام غير السعودي بصورة غير نظامية لأدوات تؤدي إلى التصرف على نحو مطلق في المنشأة.
ج. استخدام المنشأة في تعاملاتها الخاصة بنشاطها الاقتصادي حسابًا بنكيًّا آخر غير عائد لها.
وتحدد اللائحة الأحكام المتعلقة بهذه المادة، مع مراعاة الحالات التي يكون فيها منح الأدوات أو حيازتها قد تم بحسن نية. “
ثالثاً:- عقوبات جريمة التستر التجاري
تضاعف في حالة العود العقوبات المقررة للجرائم المنصوص عليها في النظام، ويعد عائدًا كل من ارتكب أيًّا من الجرائم المحكوم عليه فيها بحكم نهائي؛ خلال ثلاث سنوات من تاريخ الحكم عليه.
للمحكمة الجزائية تخفيف العقوبات المنصوص عليها في النظام، إذا بادر المتهم- بعد علم الوزارة عن وقوع الجريمة- بتقديم دليل أو معلومة لم يكن من المستطاع الحصول عليها بطريق آخر واستند إليها لإثبات الجريمة “
اذن فالمنظم السعودي نص على العقاب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على خمسة ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين لمن يرتكب جرائم التستر التجاري وتضاعف الجريمة في حال تم العودة إليها خلال ثلاث سنوات من تاريخ الحكم.
قضايا التستر التجاري بالسعودية
ولم يكتفى المنظم السعودي بالنص على عقوبات لجريمة التستر التجاري فقط بل قام بالنص على ما بعد إثبات وقوع الجريمة ، حيث نص في المادة (12) يترتب على الإدانة بارتكاب الجريمة المنصوص من النظام الآتي-:
أ- حل المنشأة محل الجريمة، وإلغاء الترخيص والموافقة الصادرة لها على ممارسة النشاط، وشطب السجل التجاري للمدان، ما لم ترَ المحكمة الجزائية خلاف ذلك.
ب- منع المدان من ممارسة النشاط الاقتصادي محل الجريمة وأي عمل تجاري آخر لمدة (خمس) سنوات تبدأ من تاريخ اكتساب الحكم الصفة النهائية.
2. تستوفى، بالتضامن بين المدانين بارتكاب أي من الجريمتين المنصوص عليهما في الفقرتين (أ) و (ب) من المادة (الثالثة) من النظام؛ الزكاة والضرائب والرسوم، وأي التزام آخر مقرر على المنشأة.
3. تقوم الجهة المختصة بتزويد الوزارة بصورة من الحكم الصادر بشأن أيّ من الجرائم المنصوص عليها في النظام؛ لاتخاذ ما يلزم من إجراءات نظامًا.
4. تقوم الجهة المختصة بتزويد الهيئة العامة للزكاة والدخل بصورة من الحكم الصادر بالإدانة بارتكاب أيّ من الجريمتين المنصوص عليهما في الفقرتين (أ) و (ب) من المادة (الثالثة) من النظام؛ لاتخاذ ما يلزم من إجراءات نظامًا”
ونص في المادة (14) على ” دون إخلال بأي عقوبة ينص عليها أي نظام آخر، يعاقب كل من يرتكب أيًّا من المخالفات المنصوص عليها في المادة (الرابعة) من النظام بإحدى العقوبتين الآتيتين أو بهما معًا:-
أ. غرامة لا تزيد على (خمسمائة ألف) ريال.
ب. إغلاق المنشأة لمدة لا تزيد على (تسعين) يومًا.
2. للجنة المنصوص عليها في الفقرة (4) من المادة (الخامسة) من النظام تضمين قرارها إلزام المخالف بتقديم أي من الوثائق والمعلومات الآتية للوزارة لمدة لا تزيد على (خمس) سنوات:
أ- القوائم المالية للمنشأة.
ب- كشوف حسابات المنشأة البنكية.
ج- مسيَّرات الرواتب لعاملي المنشأة.
ويجوز للجنة إيقاع العقوبات الواردة في الفقرة (1) من هذه المادة على من لم يتقيد بما يُلزم بتقديمه بناء على هذه الفقرة.
3. يراعى في تحديد العقوبة التي توقعها اللجنة حجم النشاط الاقتصادي محل المخالفة وإيراداته ومدة مزاولة النشاط ومدى جسامة المخالفة وتكرارها والأثر المترتب عليها.
4. إذا تبين للجنة من خلال نظرها مخالفة ما يشير إلى وجود جريمة؛ فعليها إحالة ما يتعلق بالجريمة إلى الجهة المختصة، وتستمر اللجنة في نظر المخالفة، ما لم يتبين لها أنه لا يمكنها الاستمرار في ذلك إلا بعد أن تبت الجهة المختصة في الجريمة.
5. يحق لمن صدر في حقه قرار بالعقوبة التظلم منه أمام المحكمة الإدارية خلال (ستين) يومًا من تاريخ إبلاغه بالقرار وفقًا لوسائل الإبلاغ التي تحددها اللائحة “
وأختم :-
التستر التجاري كما نص عليه النظام السعودي هو تمكين الأجنبي من استثمار أو ممارسة النشاط التجاري المحظور عليه ويعد المواطن السعودي متستراً في حالة قام بتمكين الوافد من استخدام اسمه أو ترخيصه أو السجل التجاري لممارسة النشاط الجاري، ويعد للتستر التجاري أضرار بالغة في حق الاقتصاد الوطني حيث يعمل على إفشال سياسات الاستقرار الاقتصادي في المملكة وله تأثير سلبي على السياسة النقدية حيث إن زيادة أنشطة التستر التجاري تؤدى إلى زيادة الطلب على النقود فيتم الاحتفاظ بها مما يؤثر على فعالية السياسة النقدية
وفي ختام مقالنا شركة المحامي الدكتور سعود آل طالب وجميع من يعملون به جاهزون على مدار الساعة للرد على كافة استشاراتكم القانونية الدقيقة.